السبت، 1 أغسطس 2020

حول خيار الكفاح المسلح


 نشر بتاريخ: 03 تشرين1/أكتوير 2016



من المؤكد أن القمع الوحشي غير المسبوق الذي وأجهه حراك الجماهير السلمي المعارض أحزابا ونقابات ومنظمات مجتمع مدني منذ إنقلاب يونيو البغيض دفع القوي المعارضة لتبني خيار العمل المسلح لمواجهة السلاح بالسلاح،وأضحي هذا الخيار ميدانا من ميادين جبهات العمل المقاوم،ورغما عن أن لكثير من القوي السياسية المعارضه سابق تجارب في الكفاح المسلح، بل إن بعضها يعمل عليه كخيار رئيسي في منازلة الديكتاتوريات،ويحشد في سبيل ذلك طاقات وموارد، إلا أن هذا الخيار علي نبل مقاصده ومبرراته علي أرض الواقع،يظل أبعد الوسائل لتحقيق الغايات الكليه وأهمها إسقاط الديكتاتوريه القمعيه الحاكمة،كما انه أكثر الخيارات تكلفة وإيلاما بأثاره السالبه علي المجتمع والإنسان.
إن الكفاح المسلح عملية معقده ومكلفة في كل شي، في العمل العسكري نفسه، وفيما بعده، أو ما أصطلح علي تسميته الإدارة المدنيه للأراضي المحرره الواقعه تحت سيطرة الفصائل المسلحه،والتي تتطلب تقديم الخدمات للمواطنين في تلك المناطق،ومعلوم أن الأمداد وتقديم الخدمات للمواطنين في تلك المناطق أحد أصعب التحديات التي تواجه الفصائل المسلحه مابعد إنتصارها العسكري،هذا ناهيك عن التكلفة الإقتصادية العالية للعمل المسلح نفسه من معسكرات التدريب والتسليح ،وماتتطلبه من إحتياجات أساسية من غذاء ودواء ولباس وغيرها من الضروريات ، هذه الإحتياجات المكلفة قد تفتح المجال لتقاطعات دولية وإقليميه ربما تتعارض ومصالح قضايا الوطن والتي من أجلها تم رفع السلاح.
إن تجربة النضال المسلح للقوي المعارضه ضد السلطة الشمولية الحالية منذ تسعينيات القرن الماضي، وإن لم تكن التجربة الأولي في تاريخ وطننا الحديث في مناهضة الديكتاتوريات عبر السلاح مابعد جلاء المستعمر،فإنها علي الدوام وبمختلف تجاربها وظروفها وجبهاتها قد أثبتت أن ميزان القوه الماديه في مصلحة الدكتاتوريات التي تمتلك موارد دوله تعينها علي شراء السلاح والحشد والتدريب والإمداد والإسناد بأضعاف أضعاف مما تملك أو تستطيعه المعارضة المسلحه،مما يعطي السلطه الحاكمة أفضليه في الميدان علي المعارضة المسلحه،والواقع أن حروب الإستنزاف تؤثر سلبا علي المواطن البسيط إقتصاديا وإجتماعيا ونفسيا بأضعاف أضعاف مما تؤثر في الطفيلية الحاكمه أفرادا وأحزابا ومؤسسات،إن المواطن المغلوب علي أمره هو من يتحمل تمويل ومرارات هذا الخيار المدمر،هذا بالاضافة إلي أن المزاج الغالب لشعبنا في مناهضة الديكتاتوريات هو خيار العمل السلمي الجماهيري المقاوم إنتفاضة كان أم عصيانا أم إضرابا عاما ،ولشعبنا في ذلك إرث غني وتقاليد رأسخه،وبالضرورة فان إثراء الحراك الديمقراطي والوعي به في مجتمعنا سيكون أجدي وأعمق إن تم بوسائل ديمقراطيه تحقق الأهداف العليا بفعالية وتكلفة أقل متي ما كان مخططا لها بعناية وجدية.
إن العمل السياسي الجماهيري السلمي المعارض مكفول بحق القانون والدستور في أغلب دول العالم ،لهذا فان قمع أي حراك سلمي مناهض يعري النظام ويفقده مناصريه محليا وإقليميا ودوليا،وتكسب المعارضة تعاطفا أقوي في كل الجبهات، لهذا يسعي النظام دائما لإستدراج القوي المعارضه الي فخ العمل المسلح حتي تفقد مناصريها وتضعف قضيتها والتعاطف معها داخليا وخارجيا،بل ويجتهد في تصويرها علي أنها من تسعي للحرب، ويصفها بمخلب دولي يعيق نهضة الوطن،هذه الدعاوي علي مافيها من خطل وضعف الحجه الإ أنها تؤثر في الوعي السياسي لأغلبية غير ناضجة ،هذا بالاضافة إلي أن مردود العمل السياسي السلمي الجماهيري أكبر وأعظم تاثيرا، ودونكم ما أحدثته هبة سبتمبر المجيده من تعاطف محلي وخارجي، وما أفرزته من تصدعات في بنية النظام المادية والأخلاقية ،بل وكشفت للجميع عن الوجه الحقيقي القبيح للطفيلية المتوحشة الحاكمة ،حيث توالي سقوطها الاخلاقي وزيف شعاراتها المتدثرة بعباءة الدين والاخلاق الكريمه وهي تفتح النار وتحصد أرواح الأبرياء العزل ،وتضرب بحرمة الروح والدم عرض الحائط،وقد يقول قائل لماذا لانواجه السلاح بالسلاح حتي لانقتل مثلما قتل غيرنا في هبة سبتمبر وماقبلها ومابعدها مماهو محفوظ في سجل العار لهذه الطغمة الحاكمه؟والاجابة ببساطه إن أي تغيير سلمي قد يستدعي تضحيات،علي أن شهداء العمل السلمي الجماهيري يجدون تعاطفا أكبر من شهداء العمل المسلح،كما أن إستخدام السلاح ضد العزل المسالمين يوقظ الأغلبية السلبية للإنحياز والتحرك بايجابية في لحظة يصبح السكوت بعدها وخزا دائما في ضميرها الحي، فتتساوي رغبتها في الموت مع رغبتها في الحياه، ويصبح الخلاص هوالمطلب ولاسواه،هذا الإنفجار لن يحدث الا عندما يستفز الضميرالجمعي، كأن يري مثلا مواطنا مسالما صريعا في دمه بلا ذنب جناه ،وألة القمع الوحشية مستمرة في قتله،في مثل هذه الحالات تتخلق الثورات وتحدث التحولات الكبري في المجتمعات،ودماء القرشي التي أطاحت بالفريق عبود درس لمن ينسي أويشكك .
ختاما أدعو كل قادة الحركات المسلحة لمراجعة تجربة العمل المسلح وجدواه بشكل أمين وشفاف،والتخلي عن هذا الخيار المكلف وغير المثمر والمؤلم علي المجتمع وإنسانه لصالح الوطن ومواطنه أولا،ولصالح خيار العمل الجماهيري السلمي الصبور بين الجماهير، وصولا لوعي سياسي عام ينبذ العمل المسلح،ويعلي من قيم النضال السلمي الواعي، ويثري التجربة الانسانية السلمية المقاومة علي طريق شاق وظافر بالسلام والديمقراطية والتنمية العادلة الشاملة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق