الأحد، 10 ديسمبر 2023

طريق السودان من المجتمع الانتقالي الي المجتمع الحديث





    "إن التعليم أقوى سلاح يمكننا إستخدامه لتغيير العالم"              (نيلسون مانديلا). 


           أطبقت الأزمات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية على شعوب السودان المتعددة والمتنوعة في مختلف العهود والحقب. واصبحت المجتمعات السودانية اسيرة في مرحلة المجتمع الانتقالي، والمجتمع الانتقالي هو مجتمع ودرجة وسيط بين المجتمع الحديث و المجتمع البدائي . وسمات المجتمع الانتقالي بحسب عالم الإدارة الأمريكي فرد رجز انه مجتمع هش يتسم  بالإنتقائية في تطبيق القانون ؛ وأن توزيع الخدمات فيه غير عادل ؛ وأنه يعج بالاستبداد و الفساد الاداري وبوجود مراكز قوي ومجموعات مصالح  تغلب الشخصي علي المصلحة العامة .

ولن يغادر وطننا مرحلة المجتمع الانتقالي الي مرحلة المجتمع الحديث دون تغيير عميق في أخلاق و سلوك ومعارف ومهارات  الإنسان السوداني. و وسيلة هذا التغيير هو التربية والتعليم . لهذا فان المجتمع السوداني بحاجة إلى إقرار إستراتيجية تربية وتعليم جديده وفعالة تواكب الحاضر والمستقبل ، وذلك باعداد وإعتماد مناهج وهياكل تربية وتعليم تساهم في بناء الشخصية السودانية على أساس متين من مكارم الأخلاق و المعرفة والمهارات ، فالتربية والتعليم هي الوسيلة الناجعة لاحداث التغيير الإيجابي إجتماعيا وسياسيا وإقتصاديا للمجتمعات الانتقالية و البدائية على حد السواء. 

إن صياغة إستراتيجية شاملة للتربية والتعليم في وطننا تحتاج إلى جهد وعقل جمعي يضم كل المؤسسات التعليمية والمراكز التربوية والعلمية والبحثية الوطنية وماتضمه هذه المؤسسات من عقول وخبرات مهنية مستفيدة من التجارب العالمية الناجحة في هذا المجال الحيوي تلاقحا وتبادلا للمعرفة والتجربة بينها وبين المؤسسات التعليمية العالمية العريقة والمراكز العلمية و البحثية الرائدة في العالم المتقدم المتخصصة في هذا المجال دون إغفال لخصوصية شعوبنا الثقافية و واقعنا المتنوع و المتعدد. 

إن الجهل النشط الذي يسيطر على الفضاء العام في وطننا فكريا وسياسيا وإجتماعيا ويهدد وجود وبقاء الوطن، يتطلب سرعة التحرك في إتجاه إعتماد إستراتيجية للتربية والتعليم تعبر عن تحديات الحاضر وآفاق المستقبل في وطننا ، وتتيح لنا كشعب التحكم في قرارنا وفي إدارة مواردنا على الوجه الذي يحقق لنا كوطن وأمة اسباب التنمية والتقدم والازدهار. 

إن تجارب الشعوب والمجتمعات الحديثة في كل العالم أثبتت بما لايدع مجالا للشك من أن التربية والتعليم هي قاطرة التنمية و الحداثة التي نقلت المجتمعات البدائية و الانتقالية الي رحاب الحداثة والتقدم. 

إن سيادة حكم القانون واحترام التعدد والتنوع وإدارة الصراع السياسي من خلال النموذج الديمقراطي التوافقي والانتقال بالانتاج من الأدوات التقليدية الي عصر الصناعة والابتكار و تجسيد مكارم الأخلاق بالافعال وليس بالشعارات مثل إتقان العمل والصدق في المعاملات و إحترام الأخر  والالتزام بالقانون وغيرها من القيم والأخلاق الكريمة من سمات المجتمع الحديث، والتي يمكن الوصول إليها من خلال استراتيجية فعالة للتربية والتعليم. 

إن مناهج التربية والتعليم  المعبرة عن روح العصر وتحدياته المستشرفة لآفاق المستقبل المشبعة بقيم ومكارم الأخلاق هي طريق السودان للخروج من وهدته الانتقالية والارتقاء به الي مصاف المجتمعات الحديثة والمتحضرة. 


https://shihabeldinabdelrazigabdalla.blogspot.com/?m=1




السبت، 9 ديسمبر 2023

مشاهدات من مدينة عطبره



في الصورتين  أعلاه السينما الوطنية في مدينة عطبره وقد تحولت إلي مخزن لحديد التسليح بعد أن قام ملاكها باستئجارها الي المصنع السوداني الماليزي. والسينما الوطنية هي واحدة من ثلاثة دور للسينما في مدينة عطبره وقد كانت تشكل مع السينما الجمهورية وسينما عطبره الجديده بنية تحتية جيده للسينما وصناعتها في مدينة عطبره . علما بأن أول سينما في السودان شيدت في مدينة عطبره من قبل الجيش الانجليزي في العام ١٩٣١م  وهي سينما النجم الأحمر. وقد شهدت مدينة عطبره أيضا ميلاد وإنتاج  أول فيلم سينمائي روائي سوداني وكان بعنوان ( آمال وأحلام ) من إنتاج وأخراج رائد صناعة السينما في السودان الأستاذ الرشيد مهدي  وقد تم تصويره في ستينيات القرن الماضي وعرض للجمهور في مايو ١٩٧٠. 

و واقع السينما في مدينة عطبره الان في إظلام تام حيث أغلقت الدور الثلاثة للسينما أبوابها تماما وتحولت إحداها الي خرابة (السينما الجديده.).

هذا الواقع المحزن لأحد أهم أدوات الثقافة يطرح تساؤلات مهمة :

كيف يمكن أن نبني وطنا دون أن نبني إنسانا واعيا ومتعلما ومثقفا ؟ 

كيف يمكن أن نصنع سلاما مستداما  وعدالة وحرية في السودان دون أدوات لبناء الوعي والاستنارة في الانسان السوداني؟

كيف يمكن أن نبني إنسانا يقبل الحوار و التنوع ويحوله الي قوة لا الي حروب عبثية دون الاهتمام بأدوات الثقافة التي تبني وعي هذا الإنسان؟ 

 بل كيف يمكن من الأساس أن نبني إنسانا واعيا ومثقفا دون أدوات تثقيفية ؟ 

الوعي مكتسب وقابل للتطوير  ،  ويحتاج لأدوات منها السينما والمكتبات العامة ودور الرياضة والأندية والمراكز الثقافية والمجموعات الأدبية وغيرها من الأدوات . 

كل هذه الأدوات في طريقها الي الاندثار والتلاشي بفعل الإهمال و الصراعات والحروب . ومازال بعضنا يحلم ببناء مجتمع مستنير و متحضر .لكن هل يمكن تحقيق هذا الحلم دون أدوات ؟!.

الصورة أعلاه تجيب عن واقع حاضرنا البائس؛ والله المستعان.